الخميس, مارس 13, 2025
No menu items!
Google search engine

الاسْتِثْمَارُ الأَعْظَمُ هُوَ الإِنْسَانُ السُّورِيُّ

-

غسان فواز الشعار – المشرف العام لمجلة شؤون سورية

لَا يُوجَدُ اسْتِثْمَارٌ أَكْثَرُ أَهَمِّيَّةً وَجَدْوَى مِنَ الاسْتِثْمَارِ فِي الإِنْسَانِ، فَهُوَ أَسَاسُ النَّهْضَةِ وَالتَّقَدُّمِ وَالازْدِهَارِ. عِنْدَمَا يَتَحَرَّرُ العَقْلُ مِنْ قُيُودِ الخَوْفِ وَالحَذَرِ، يَنْطَلِقُ فِي فَضَاءِ الإِبْدَاعِ وَالعَمَلِ الدُّؤُوبِ. أَمَّا فِي ظِلِّ القَمْعِ وَالتَّهْمِيشِ، فَإِنَّ الفِكْرَ يَتَجَمَّدُ وَيَتَحَوَّلُ إِلَى مُجَرَّدِ مُسْتَهْلِكٍ لِلأَفْكَارِ بَدَلًا مِنْ مُنْتِجٍ لَهَا.

فِي عَامِ 2008، زُرْتُ مَكْتَبَ نَائِبِ رَئِيسِ الوُزَرَاءِ الصَّدِيقِ عَبْدِ اللهِ الدَّرْدَرِيِّ، وَخِلَالَ حَدِيثِنَا أَطْلَعَنِي عَلَى وُجُودِ 5000 بَرَاءَةِ اخْتِرَاعٍ قَدَّمَهَا سُورِيُّونَ مُبْدِعُونَ. وَمَعَ ذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ بِمَقْدُورِهِ الإِفْرَاجُ عَنْهَا بِسَبَبِ قَرَارَاتِ السُّلْطَةِ البَائِدَةِ العَمِيلَةِ. هَؤُلَاءِ المُبْدِعُونَ إِمَّا مُعْتَقَلُونَ، أَوْ مُهَمَّشُونَ، أَوْ مُهَاجِرُونَ بَحْثًا عَنْ بِيئَةٍ تَحْتَضِنُ أَفْكَارَهُمْ.

هَذَا الوَاقِعُ المُؤْلِمُ لَا يَعْكِسُ عَجْزًا فِي قُدُرَاتِ السُّورِيِّينَ، بَلْ هُوَ دَلِيلٌ عَلَى قُوَّةٍ كَامِنَةٍ تَنْتَظِرُ الفُرْصَةَ المُنَاسِبَةَ لِلإِنْطِلَاقِ. نَحْنُ شَعْبٌ مُحِبٌّ لِلْعَمَلِ، عَمَلِيٌّ، وَذَكِيٌّ بِالفِطْرَةِ. لَدَيْنَا العُقُولُ وَالسَّوَاعِدُ، وَمَا نَحْتَاجُهُ هُوَ الحُرِّيَّةُ وَالرِّعَايَةُ وَالتَّشْجِيعُ. حِينَئِذٍ فَقَطْ سَنُحَطِّمُ المُسْتَحِيلَ وَنُعِيدُ بِنَاءَ الوَطَنِ بِأَفْضَلَ مِمَّا كَانَ.

الأَحْدَاثُ الأَخِيرَةُ عَلَى الحُدُودِ اللُّبْنَانِيَّةِ السُّورِيَّةِ أَكَّدَتْ لَنَا أَنَّ السُّورِيَّ يَسْتَحِقُّ الاحْتِرَامَ فِي بَلَدِهِ وَخَارِجِهِ. جَيْشُنَا وَرِجَالُنَا هُمْ أَبْنَاءُ هَذَا الوَطَنِ، أَقْوِيَاءُ وَشُجْعَانٌ، لَا يَقْبَلُونَ الذُّلَّ وَلَا يَسْتَسْلِمُونَ لِلْمِحَنِ. هَذِهِ القُوَّةُ النَّابِعَةُ مِنَ الانْتِمَاءِ الصَّادِقِ لِلْوَطَنِ هِيَ مَا سَتُمَكِّنُنَا مِنْ إِعَادَةِ كِتَابَةِ تَارِيخِنَا بِإِرَادَتِنَا، وَمَحَبَّتِنَا لِبَعْضِنَا البَعْضِ، وَتَظَافُرِ جُهُودِنَا.

أَيُّهَا السُّورِيُّونَ، لِنَبْدَأْ مِنَ الأَسَاسِ: دَعُونَا نَتَعَامَلْ مَعَ بَعْضِنَا البَعْضِ بِالِابْتِسَامَةِ وَالتَّحِيَّةِ، حَتَّى لَوْ لَمْ نَتَعَارَفْ. فَهَذَا السُّلُوكُ البَسِيطُ هُوَ تَعْبِيرٌ عَنْ وَحْدَةٍ اجْتِمَاعِيَّةٍ وَقُوَّةٍ رُوحِيَّةٍ. شَجِّعُوا أَبْنَاءَكُمْ وَارْفَعُوا مِنْ مَعْنَوِيَّاتِهِمْ فِي البَيْتِ وَالمَدْرَسَةِ وَالشَّارِعِ، لِأَنَّ هَؤُلَاءِ الأَطْفَالَ وَالشَّبَابَ هُمْ عِمَادُ المُسْتَقْبَلِ.

تَذَكَّرُوا دَائِمًا أَنَّ الجُنْدِيَّ، وَالشُّرْطِيَّ، وَالمُوَظَّفَ هُمْ أَبْنَاؤُنَا وَإِخْوَتُنَا، بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ دِينِهِمْ أَوْ مُعْتَقَدَاتِهِمْ. هُمْ شُرَكَاؤُنَا فِي بِنَاءِ هَذَا الوَطَنِ وَسَنَدُنَا فِي المِحَنِ.

فَلْنَرُصَّ الصُّفُوفَ، وَلْنَتَّحِدْ بِقُلُوبِنَا وَعُقُولِنَا. نَحْنُ أُمَّةٌ خُلِقَتْ لِتَحْيَا وَتُبْدِعَ وَتَبْنِي.

عَاشَتْ سُورِيَّةُ العَظِيمَةُ وَشَعْبُهَا العَظِيمُ.

قُومُوا لَهَا… اعْمَلُوا وَعَمِّرُوهَا، وَلَا تَنْتَظِرُوا أَحَدًا، فَالمُسْتَقْبَلُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ!

غسان فواز الشعار
+ مقالات