كم أنفق ملالي إيران على نظام عائلة الأسد في سورية؟

0
13

مع انتهاء حكم عائلة الأسد، تتزايد التساؤلات داخل إيران – ولو بشكل غير رسمي – حول حجم الإنفاق الذي خصصه النظام الإيراني لدعم النظام السوري.

تشير التقديرات والمصادر التي تحدثت إلى العربي الجديد  إلى أن إجمالي ما أنفقته إيران في سورية يتراوح بين 30  و50 مليار دولار، دون احتساب المساعدات العسكرية المباشرة والأسلحة التي أُرسلت إلى قوات الأسد.

إنفاق ضخم وسط اقتصاد متعثر

يعتبر هذا الرقم ضخمًا بالنظر إلى الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في إيران، والتي جعلت الحياة صعبة على كثير من المواطنين. للمقارنة، فإن آخر ميزانية سنوية لإيران تبلغ 130 مليار دولار، ما يجعل إنفاقها في سورية يستهلك نسبة كبيرة من مواردها.

لكن دعم إيران لنظام الأسد لم يبدأ مع اندلاع الثورة السورية في عام 2011، بل تعود جذوره إلى عقود مضت. فبعد الثورة الإيرانية عام 1979، أقام الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد علاقات وثيقة مع الجمهورية الإسلامية الناشئة.

وخلال الحرب الإيرانية-العراقية  (1980-1988)، كانت سورية الدولة العربية الوحيدة التي دعمت إيران، مما عزز التحالف بين البلدين. لكن هذه العلاقة، التي كانت تقوم في البداية على التعاون الاقتصادي والسياسي، أخذت منحىً جديدًا وأكثر تكلفة مع اندلاع الثورة السورية.

دعم مالي مباشر بلا قيود

مع بداية الحرب الأهلية، تحولت العلاقة إلى دعم اقتصادي غير مشروط.  يوضح أحد المصادر، الذي تحدث لـ “العربي الجديد” بشرط عدم الكشف عن هويته لدواعٍ أمنية، أن إيران لم تعد تلتزم بأي اتفاقيات رسمية، بل بدأت تضخ الموارد مباشرة لإنقاذ الاقتصاد السوري المنهار بسبب الحرب والفساد.

يضيف المصدر:
الطريقة الوحيدة لتقدير حجم الأموال التي أرسلتها إيران إلى سورية كقروض ومساعدات إنسانية ودعم اقتصادي، هي مضاعفة الأرقام القليلة التي أعلنتها الحكومة الإيرانية نفسها.”

تقديرات غير دقيقة.. والمبلغ الحقيقي قد يكون أكبر

أحد الشخصيات القليلة المقربة من النظام التي تحدثت صراحة عن الدعم المالي المباشر لسورية هو حشمت الله فلاحت بيشه، الرئيس السابق للجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، والذي شغل منصبه حتى عام 2020.

صرّح فلاحت بيشه أن سورية مدينة لإيران بمبلغ يتراوح بين 20 و30 مليار دولار، وأوضح أنه أمضى عشر سنوات في محاولة استعادة هذه الديون، لكن دون جدوى.

غير أن المصدر الذي تحدث لـ “العربي الجديد” يعتقد أن هذا التقدير أقل بكثير من الرقم الحقيقي، ويضيف:
حتى إذا قبلنا بهذا التقدير، يجب إضافة 10 إلى 15 مليار دولار أخرى، نظرًا لاستمرار الدعم الإيراني بنفس الوتيرة بين عامي 2020 و2025.”

استثمارات اقتصادية تفوق الدعم المالي المباشر

يرى خبير اقتصادي تحدث لـ “العربي الجديد” أن تقدير 30  مليار دولار غير دقيق لأنه لا يشمل الصادرات الإيرانية إلى سورية ولا الاستثمارات التجارية التي ضختها طهران هناك.

يوضح المصدر:
خلال الحرب، صدّرت إيران مليارات الدولارات من الوقود والمواد الخام والسلع الاستهلاكية إلى سورية لمنع انهيار اقتصادها ودعم قوات الأسد. لا أعتقد أن هذه النفقات مدرجة في الرقم الذي قدمه فلاحت بيشه.”

ويشير إلى أن سورية لم تكن قادرة على دفع ثمن هذه الواردات خلال الحرب، مما جعل إيران تقبل أحيانًا الدفع عبر تصدير المواد الخام، بينما بقي جزء آخر من الأموال دون استرداد.

تكاليف بشرية إلى جانب الإنفاق المالي

لا تقتصر التكاليف على الأموال فقط، بل تشمل أيضًا الخسائر البشرية. فوفقًا لبعض التقارير، قُتل أكثر من 5000 عنصر من الحرس الثوري الإيراني في الحرب السورية.

يقول الخبير الاقتصادي:
تكلفة هؤلاء القتلى لا تختفي ببساطة. على مدى العقود الأربعة الماضية، أثبت النظام الإيراني أنه يستمر في تقديم الأموال والامتيازات لعائلات القتلى لضمان استمرار دعمهم له.”

استثمارات في البنية التحتية السورية

لم يقتصر الدعم الإيراني على الجانب العسكري والاقتصادي، بل امتد إلى مشاريع البنية التحتية مثل بناء مصانع الأسمنت والسيارات والمساكن والطرق.

في الأسابيع الأخيرة، انتشر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي الناطقة بالفارسية يُظهر هجومًا إسرائيليًا على مصنع سيارات في سورية كانت شركة “سايبا” الإيرانية مستثمرة رئيسية فيه.

نهاية الأسد تفتح باب التساؤلات

مع انهيار حكم عائلة الأسد، تزايدت التساؤلات داخل إيران حول الجدوى الاقتصادية والسياسية لهذا الاستثمار الضخم.

وعلى الرغم من محاولة المسؤولين التقليل من حجم الخسائر، أو التلميح إلى إمكانية طلب تعويضات من الحكومة السورية الجديدة، يرى العديد من الخبراء أن الأموال التي أنفقتها طهران في سورية كانت هدرًا لثروات كان يمكن استخدامها داخل إيران.

كنا الدولة الأكثر تضررًا وفشلًا في سورية

يعبّر عن هذا الموقف نوزار شافعي، الذي قال في مقابلة مع صحيفة هم ميهن الإيرانية:

نحن أكثر الدول تضررًا وفشلًا في سورية، لأن أي دولة أخرى لم تنفق هناك كما أنفقنا.”

ويضيف:
التطورات في سورية يجب أن تكون درسًا تاريخيًا لنا. للأسف، هناك من يرفض الاعتراف بهذه الحقيقة. لكن إذا أردنا تفادي المزيد من المشاكل، علينا إجراء تغيير جذري في سياساتنا الخارجية.”

Website |  + مقالات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا