الخميس, مارس 13, 2025
No menu items!
Google search engine

هاريش دي بريتون غوردون: رغمَ الأسدِ والروسِ، يُمكِنُ لسوريا أنْ تُصبحَ عظيمةً مِن جديدٍ

-

هاريش دي بريتون غوردون / صحيفة الغارديان البريطانية

معَ وُجودِ دونالد ترامب في البيتِ الأبيضِ يرفعُ شعارَ لنجعلْ أمريكا عظيمةً مُجددًا، تمتلكُ بريطانيا فُرصةً فريدةً مِن نوعِها لجعلِ سوريا عظيمةً مُجددًا، وذلكَ عبرَ الاستفادةِ مِن الجاليةِ السوريةِ المؤثرةِ لدينا، والتي يُمكنُ أن تُساهِمَ في تحويلِ سوريا إلى دولةٍ ديمقراطيةٍ، علمانيةٍ، ومعتدلةٍ.

يبدو أنَّ ترامب غيرُ مُهتمٍّ، وهذا هوَ الوقتُ المثاليُّ لنا لنُظهرَ قُوتَنا الدبلوماسيةَ والإنسانيةَ لضمانِ استقرارِ سوريا، بدلًا مِن تركِها تسقطُ في قَبضةِ الجهاديين إذا قَرَّرْنا إدارةَ ظهورِنا لها.

روسيا والأسدُ.. الطغيانُ المهزومُ

في حِمص، يُنظَرُ إلى الروسِ على أنَّهم لا يَقلُّونَ شرًّا عن الأسدِ، فقد دمَّروا هذا البلدَ كما يُحاولونَ تدميرَ أوكرانيا. لكنَّهم تعرَّضوا هنا للإهانةِ، كما ينبغي أنْ يَحدُثَ لهم في كييف. والآن، بعدَ أن انسحبوا نحوَ الشمالِ، برفقةِ الأسدِ وإيرانَ وحزبِ اللهِ، هُناكَ أملٌ حقيقيٌّ في المستقبلِ. ولكنْ على الغربِ، وربَّما بريطانيا تحديدًا، التحرُّكُ الآن بدلًا مِن الانتظارِ والمراهنةِ على المجهولِ.

سوريا ليستِ العراقَ عامَ 2003، ولا أفغانستانَ—لقد كُنتُ هناكَ أيضًا، وعلينا أنْ نتجنَّبَ الأخطاءَ التي وقعْنا فيها سابقًا. نحنُ الآنَ في عينِ الإعصارِ، وإذا لمْ نتحرَّكْ بسرعةٍ، فإنَّ الشرَّ سيَعودُ ليَملأَ الفراغَ الذي خلَّفَه الانسحابُ الروسيُّ. العاصفةُ القادمةُ قدْ تَدفعُ بهذا البلدِ نحوَ هاويةِ الخرابِ التامِّ.

موجةُ تفاؤلٍ تجتاحُ سوريا.. لكنَّ الوقتَ يَنفدُ

هُناكَ اندفاعٌ هائلٌ مِن التفاؤلِ يجتاحُ كلَّ أنحاءِ سوريا، بإرادةٍ جماعيةٍ مُذهلةٍ لِبناءِ مستقبلٍ أفضلَ. الجميعُ يُخطِّطُ لنجاحٍ مؤكَّدٍ، ولو أنَّ أولئكَ المُنعزلينَ في مكاتبِهم ومراكزِ أبحاثِهم، مِمَّنْ يتوقَّعونَ انهيارَ البلادِ، خرجوا فقطْ في شوارعِ دمشقَ وحِمصَ، لغيَّروا وجهةَ نظرِهم تمامًا.

الوقتُ حاسمٌ للغايةِ، وأدعو الحكوماتِ الغربيةَ للتحرُّكِ الآنَ، بدلًا مِن انتظارِ الدراساتِ والتقييماتِ الاستراتيجيةِ المُطوَّلةِ قبلَ اتخاذِ أيِّ إجراءٍ. عليهمْ أنْ يكونوا جريئينَ كما كانَ الشعبُ السوريُّ، وأنْ يَستغلُّوا هذهِ اللحظةَ الفريدةَ. قدْ لا تتكرَّرُ هذهِ الفرصةُ في الأشهُرِ القليلةِ المُقبلةِ، ورُبَّما لا تَعودُ لأجيالٍ قادمةٍ.

الزعيمُ الجديدُ.. ماضٍ جهاديٌّ ومستقبلٌ واعدٌ؟

قدْ يكونُ الزعيمُ الجديدُ الذي بَرَزَ اليومَ جهاديًّا سابقًا، أحدَ أولئكَ الذينَ كُنتُ أهربُ منهمْ في شمالِ غربِ سوريا قبلَ سنواتٍ، لكنَّ السوريينَ الذينَ التقوهُ يُخبرونني بأنَّهُ قائدٌ حقيقيٌّ وملهمٌ.

هذا هوَ أيضًا رأيُ الجميعِ في شوارعِ دمشقَ وحِمصَ، بمَن فيهمُ الأئمَّةُ والقساوسةُ المسيحيُّون. لقدْ رأيتُ بأُمِّ عينَي بلدًا علمانيًّا حقيقيًّا، وليسَ مُجرَّدَ قِشرةٍ سَطحيَّةٍ. وإذا كانَ التفاؤلُ والابتساماتُ هما مفتاحُ النجاحِ، فإنَّ سوريا الآنَ في حالةٍ ذهنيَّةٍ مُناسبةٍ لِتَنهضَ مِن رمادِ الأسدِ وبوتينَ، مثلَ طائرِ الفينيقِ.

سوريا لنْ تسقطَ في الفوضى.. إذا سارعْنا لِدَعمِها

العديدُ مِمَّنْ يَصرخونَ بأعلى صوتِهم حولَ سوريا، توقَّعوا أنَّها ستغرقُ في الفوضى التامَّةِ، لكنَّها لمْ تفعلْ، ولنْ تفعلَ إذا وقفْنا إلى جانبِها اليومَ—لأنَّ الغدَ قدْ يكونُ مُتأخِّرًا جدًّا.

إنفاقُ الملياراتِ اليومَ.. سيَجَنِّبُنا خسائرَ بملياراتِ الغدِ

كانَ يجبُ أنْ نتدخَّلَ عامَ 2013، عندما استخدمَ الأسدُ الغازاتِ السامَّةَ ضدَّ شعبِه، وكانَ بإمكانِنا، بدعمٍ مِن “الخطِّ الأحمرِ” الذي وَضعَهُ أوباما، تَوجيهُ ضَربةٍ ساحقةٍ لنظامِه. لكنْ للأسفِ، أقنعَ بعضُ المُستشارينَ مَنْ هُم في السلطةِ بالتخاذلِ.

أولُ خُطوةٍ: إعادةُ فتحِ سفارتِنا في دمشقَ فورًا

أحدُ أفضلِ الخُطواتِ التي يُمكنُ لحكومتِنا اتِّخاذُها الآنَ، هو إعادةُ فتحِ سفارتِنا في دمشقَ بأسرعِ وقتٍ مُمكنٍ. أنا شخصيًّا مُستعدٌّ للمساعدةِ في ذلكَ، وتقييمي للمخاطرِ يقولُ: افعلوها اليومَ.

الدرسُ السوريُّ.. وطريقُ الخلاصِ الأوكرانيُّ

لقدْ أثبتَ الشعبُ السوريُّ أنَّهُ قادرٌ على طَردِ النفوذِ الروسيِّ مِن أرضِه. والآنَ، معَ تراجُعِ بوتينَ وضعفِه، يجبُ علينا تمكينُ الأوكرانيينَ مِن فِعلِ الشيءِ ذاتهِ.

المجدُ لأوكرانيا
الحريَّةُ لسوريا

Website |  + مقالات